بسم الله الرحمن الرحيم
من معجزات الرسول الحبيب
)صلى الله عليه وسلم(
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد جمع الله له النبوة والمعجزة معاً وقد كانت معجزة القرآن
الكريم التي جاء بها الرسول الأمي هي من اعظم معجزاته وقد تميز بها على سائر الانبياء ببقاءها
حتى قيام الساعة ، أما معجزات من سبقه من الانبياء فقد كانت معجزات حسية انتهت بانتهاء
وقتها ، فلو انك سألت أي نصراني اليوم أرني معجزة من معجزات المسيح فلن يجيبك .
هذا وقد تحدى الله سبحانه وتعالى العرب حين نزول القرآن وقد كانوا اصحاب فصاحة وبلاغة وبيان
معروف ، أن يأتوا بسورة من مثل القرآن . وأفرغ هذا التحدي في قوالب مختلفة من اللفظ والأسلوب
وأنهضهم إلى ذلك بالتقريع والتحمس ومختلف أشكال التحدي فقال لهم مرة : (( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ
مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِنْ لَمْ
تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ )) وقال لهم متحدياً : ((
أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ )) ولكنهم عجزوا عن التحدى ولم
يفعلوا شيئاً وسجل التاريخ عجزهم ، حتى انهم من شدة عجزهم وهزيمتهم أمام القرآن قالوا : ((
هذا سحر وإنا به كافرون )) الزخرف : 30 وقالوا : (( إِنْ هَذَا إلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ )) المدثر : 24 فإذا ثبتت أن
بلاغة القرآن الكريم وفصاحته قد أعجزت العرب وهم أهل اللغة المتقدمين في الفصاحة والبلاغة ،
فإن عجز العرب هذا هو حجة على سائر الناس من بعدهم . فلا يلتفت بعد ذلك إلى أي محاولة
يقوم بها الاعاجم للإتيان بمثل القرآن لأنها ستكون محاولة تدعوا للسخرية. لأن العرب في عصر
نزول القرآن لم يكن يدانيهم أحد في عربيتهم فضلا عن أن يساويهم .
وبجانب معجزة القرآن الكريم هناك الكثير من المعجزات والآيات الحسية قد قام بصنعها الرسول
صلى الله عليه وسلم ذكرتها الاحاديث الصحيحة ونذكر منها ما يلي :
1- معجزة نبوع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم :-
روى البخاري عن أنس بن مالك قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر،
والتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فوضع رسول الله
صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الاناء فأمر الناس أن يتوضئوا منه فرأيت الماء ينبع من تحت
أصابعه، فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم. [ صحيح البخاري ج 1 / ص 74] [ صحيح مسلم
ج4 / ص 1783 ] [ صحيح ابن حبان ج/14 ص/ 477 ]
وروى البخاري عن جابر بن عبدالله قال: عطش الناس يوم الحديبية والنبي صلى الله عليه وسلم
بين يديه ركوة (أي إناء صغير من جلد) يتوضأ فجهش الناس نحوه (أي تجمعوا) قال: ما لكم؟ قالوا:
ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين
أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا، قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس
عشرة مائة. [ صحيح البخاري ج / 3 ص1310/ ] [ صحيح ابن حبان ج14/ص480 ]
والرويات في هذه المعجزة مشهورة بين الصحابة وقد رواها جمع كثير منهم أنس وجابر بن عبدالله
وابن عباس ، والبراء بن مالك وابو قتادة ،وغيرهم وخبرها متواتر مستفيض . وقد تكررت
في أكثر من مناسبة .
2- معجزة شفاء علي رضي الله عنه وغيره من الصحابه :-
قال عليه الصلاة والسلام في غزوة خيبر :- ( لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب
الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا
على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها فقال أين علي بن أبي طالب فقيل
هو يا رسول الله يشتكي عينيه قال : فأرسلوا إليه ( ائتوني به ) فأُتي به فنفث في عينه بقليل
من ريقه عليه الصلاة والسلام فبرأ لتوه ولم يمرض بعينه قط . [ رواه البخاري في كتاب الغزوات ورواه
مسلم في باب فضائل الصحابه ]
وقد قام المسيح عليه السلام بالتـفل في عين أحد العميان فشفي من مرضه [ مرقس 8 : 22 ] :
(( وجاء الى بيت صيدا .فقدموا اليه اعمى وطلبوا اليه ان يلمسه . فاخذ بيد الاعمى واخرجه الى
خارج القرية وتفل في عينيه ووضع يديه عليه وسأله هل ابصر شيئا .))
_ وأصيب سلمة يوم خيبر بضربة في ساقه ، فنفث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث
نفثات فما اشتكاها قد . عن يزيد بن أبي عبيد قال : (( رأيت أثر ضربة في ساق سلمة ، فقلت : يا
أبا مسلم ، ما هذه الضربة ؟ قال : هذه ضربة أصابتني يوم خيبر ، فقال الناس أصيب سلمة …
فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيها ثلاث نفثات ، فما اشتكيت حتى الساعة . )) [
صحيح البخاري ج 4 / 1541/ صحيح أبي داود / 3295 صحيح ابن حبان ج14 / ص 439]
_ وعن البراء بن عازب رضي الله عنه : أن عبدالله بن عتيك لما قتل أبا رافع ونزل من درجة بيته
سقط إلى الأرض فانكسرت ساقه ، قال : فحدثت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( ابسط
رجلك فبسطها فمسحها فكأنما لم أشكها قط )) [ صحيح البخاري ج 4 / ص 1483]
_ وعن معاذ بن رافع بن مالك عن أبيه قال : (( رميت بسهم يوم بدر ففقئت عيني فبصق فيها
رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا لي فما آذاني منها شيىء )) [ أخرجه ابن ابي شيبه
والحاكم والبيهقي وأبو نعيم ]
3- معجزة رّد عين قتادة بعد تدليها :-
في غزوة أحد أُصيب قتادة بن النعمان في عينه حتى سقطت وتدلت على وجـنته (أي على أحد
خده ) فردها عليه الصلاة والسلام بيده الشريفة فبرأت على الفور ، وصارت عينيه تلك أحسن
عينيه . . . فتلك من آيات الله التى أيد الله بها رسوله . والرواية اخرجها ابن اسحاق في السيرة
النبوية ( 3 / 30 ) ، وابن حجر في الاصابة ، وابن عبدالبر في الاستيعاب في ترجمة النعمان ، وأبو
يعلى ، والبيهقي في الدلائل ، وابو نعين في الدلائل برقم ( 418 ، 417 ) وذكرها الحاكم في
المستدرك ( 3 / 295 )
4- معجزة شفاء الضرير بدعائه صلى الله عليه وسلم :-
عن عثمان بن حنيف : أن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أدع الله أن
يعافيني فقال :-( إن شئت أخّرت ذلك فهو أفضل لآخرتك،وإن شئت دعوت لك ) قال :لا، بل أدع الله
لي قال :- فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ، وأن يدعو بهذا الدعاء :-
( اللهم أني أسألك و أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ،يا محمد إني أتوجه بك في حاجتي هذه
فتُقضى ،اللهم شفعة في ) ففعل الرجل فبرأ ،فشفاء هذا الضرير آية من نبوته0 [ رواه البخاري في
التاريخ الكبير 6/210 ,والطبراني في المعجم الكبير 9/19 وصححه وسلمه الذهبي , والبيهقي في
دلائل النبوة 6/166 وغيرهم ]
وهذا الدعاء خاص في حياته صلى الله عليه وسلم وليس بعد مماته فلُيعلم .
5- خروج الجن من الصبي بدعائه صلى الله عليه وسلم :-
عن أبن عباس رضي الله عنهما قال :-إن امرأة جاءت بولدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالت :يا رسول الله ان به لمماً ،وإنه يأخذه عند طعامنا فيفسد علينا طعامنا قال:- فمسح رسول
الله صلى الله عليه وسلم صدره ودعا له فثعّ ( أي قاء أو سعل مرة واحدة ) فخرج منه مثل الجرو
الأسود يسعى . [ رواه الدرامي ]